الطابع الكتابي للإجراءات القضائية الإدارية

 الطابع الكتابي  للإجراءات القضائية الإدارية
المؤلف Amine.Dz
تاريخ النشر
آخر تحديث

 الطابع الكتابي  للإجراءات القضائية الإدارية


تتميز الإجراءات القضائية الإدارية بجملة من الخصائص والميزات التي تجعلها قائمة بذاتها مقارنةً بالإجراءات القضائية العادية. ويعود السبب الرئيسي في تميزها إلى اختلاف مراكز أطراف الدعوى، حيث تظهر سلطة الإدارة العامة وتفوقها من حيث الامتيازات التي تتمتع بها في مواجهة الأفراد وتتمثل هذه الخصائص بصفة خاصة في الطابع الكتابي.

ويُعد الطابع الكتابي من أبرز سمات الإجراءات القضائية الإدارية، وهو الأصل في جميع إجراءات التقاضي بصفة عامة، سواء كانت عادية أم إدارية، وقد نصت المادة (09) من قانون الإجراءات المدنية والإدارية) ق.إ.م.إ (08-09 على ما يلي:

»الأصل في إجراءات التقاضي أن تكون مكتوبة«.

غير أن الطابع الكتابي يكتسي أهمية خاصة في مجال المنازعات الإدارية، وذلك بالنظر إلى طبيعة الإدارة العامة كطرف في الدعوى، حيث يُفترض فيها أن تُثبت جميع أعمالها ومستنداتها كتابة.

ويتجلى ذلك في جميع مراحل الدعوى ابتداء من مرحلة رفع الدعوى الإدارية، مرورا بمرحلة سير الخصومة وصولا الى مرحلة صدور الحكم القضائي وهو ما سنتطرق اليه في هاته المقالة مع الاشارة الى دور الكتابة في تحقيق مبدأ المشروعية وضمان حقوق الدفاع.   

أ-مرحلة رفع الدعوى الإدارية

نصت المادة 815 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أن الدعوى تُرفع أمام المحكمة الإدارية بعريضة موقعة من محامٍ، حيث اشترطت صراحة أن تكون العريضة الافتتاحية مكتوبة وموقعة من محامٍ، مما يُعد دليلاً واضحاً على الطابع الكتابي للدعوى الإدارية، على خلاف القضاء العادي الذي لا يشترط وجود محامٍ لمباشرة الدعوى.

كما تؤكد المادة 819 من نفس القانون على هذا الطابع الكتابي من خلال اشتراطها إرفاق العريضة الافتتاحية الرامية إلى الإلغاء أو التفسير أو تقدير مشروعية القرار الإداري، بالقرار المطعون فيه تحت طائلة عدم القبول، مع العلم أن هذا القرار يجب أن يكون مكتوباً.

ب -مرحلة سير الخصومة

تبرز مظاهر الطابع الكتابي في مرحلة سير الخصومة في عدة مواد من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، مثل المادة 838 فقرة 1 التي نصت على ضرورة إيداع المذكرات والوثائق المقدمة من الخصوم بأمانة ضبط المحكمة الإدارية، وكذلك الفقرة الثانية من ذات المادة التي تشترط التبليغ بالمذكرات والمذكرات الجوابية والوثائق المرفقة عن طريق أمانة الضبط تحت إشراف المستشار المقرر.

ويتأكد الطابع الكتابي أمام المحاكم الإدارية للاستئناف من خلال المادة 900 مكرر  من القانون رقم 13-22 المعدل لقانون الإجراءات المدنية والإدارية، التي أقرت إمكانية رفع الدعوى بعريضة ورقية أو إلكترونية، مما يكرس الطابع الكتابي سواء بصيغته التقليدية أو الرقمية، إضافة إلى التمثيل الوجوبي بمحامٍ تحت طائلة عدم قبول الدعوى.

وبالرغم من أن الإجراءات القضائية الإدارية أثناء سير الخصومة يغلب عليها الطابع الكتابي، إلا أن هناك بعض الإجراءات الشفوية مثل المرافعات أمام القضاء الإداري خاصة في القضايا الاستعجالية.

ج-مرحلة صدور الحكم أو القرار القضائي الإداري وتنفيذه

يشترط في الحكم القضائي الإداري الصادر عن المحاكم الإدارية أو القرار القضائي الإداري الصادر عن المحاكم الإدارية الاستئنافية ومجلس الدولة أن يكون مكتوباً، وأن يتضمن مجموعة من البيانات الوجوبية التي نصت عليها المواد من 888 إلى 896 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

كما تتسم إجراءات تنفيذ القرارات القضائية الإدارية بالطابع الكتابي أيضاً، وهو ما أكدته المواد من 978 إلى 986 من نفس القانون.

ان الكتابة توفر لكل طرف في الخصومة فرصة عرض أدلته بوضوح ودقة، وتمكنه من الاطلاع على مذكرات الطرف الآخر والرد عليها في آجالها، مما يجسد مبدأ المساواة بين الخصوم. كما أن الطابع الكتابي يضمن إمكانية مراجعة الملف القضائي عند النقض او الاستئناف، لكون جميع البيانات والإجراءات مكتوبة ومحفوظة، الأمر الذي يحمي حق الأطراف في الدفاع والمتابعة القانونية السليمة وهذا ضمانا لحق الدفاع وتمكين أطراف النزاع من الإحاطة بسيرورة الخصومة.

كما تبرز أهمية الطابع الكتابي في تحقيق مبدأ المشروعية من خلال ضمان توثيق جميع الإجراءات والقرارات، مما يسمح برقابة قضائية فعّالة على تصرفات الإدارة، ويُلزمها بتسبيب ردودها وقراراتها كتابةً، فيتحقق بذلك الخضوع التام للقانون. كما يُمكّن القاضي من فحص الوثائق والمذكرات والتحقق من مدى مطابقتها للنصوص القانونية، وهو ما يعزز الرقابة القضائية على أعمال الإدارة ويحافظ على مبدأ المشروعية.

تعليقات

عدد التعليقات : 0