علاقة القانون الدولي الجنائي بالقانون الدولي الإنساني
وقد شهد العقد الأخير من القرن العشرين انتهاكات لأحكام القانون الدولي الإنساني أعاد إلى الأذهان الحاجة إلى الآلية الدولية التي تفرض احترام هذا القانون ومعاقبة منتهكي قواعده ، وبالفعل تم إنشاء محكمتين دوليتين جنائيتين ليوغسلافيا عام 1993 ورواندا عام 1994 ، ثم تلا ذلك إنشاء المحكمة الدولية الجنائية لمواجهة الانتهاكات التي تحصل لهذا القانون مستقبلاً وبذلك شهدت هذه الفترة علاقة وثيقة بين القانون الدولي الجنائي والدولي الإنساني وانعكست هذه العلاقة على مساهمة كل منهما في تطوير نصوص الأخر كان ذلك على على النحو الأتي :
أ- مساهمة القانون الدولي الإنساني في تطوير
القانون الدولي الجنائي
وكذلك إذا ما نظرنا إلى المادة (08) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية الخاصة بجرائم الحرب يمكننا ملاحظة مدى استفادة القانون الدولي الجنائي من القانون الواجب التطبيق على النزاعات المسلحة (قانون الحرب) سواء من خلال النصوص المتعلقة بالعمليات العسكرية أو حماية ضحايا الحرب.
ب-مساهمة
القانون الدولي الجنائي في تطوير نصوص القانون الدولي الإنساني
كما أن مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم البشرية أمنها لعام 1996 قد ساهم أيضاً في دعم القانون الدولي الإنساني إذ أنها جرمت الأفعال التي تلحق ضرراً بالبيئة واعتبرتها من الجرائم الماسة بالبشرية على الرغم من أن القانون الدولي الإنساني كان قد حظر إلحاق الضرر بالبيئة في المواد(35و55)من البروتوكول الأول لعام 1977 إلا انه لم يدرج ذلك في قائمة جرائم الحرب الخاصة به وذلك وفق المعنى المستعمل في اتفاقيات جنيف والملحق الأول.
إذاً هناك تفاعل وتداخل بين القانونين الغرض منه حماية حقوق الإنسان وقد يصل هذا التفاعل إلى منتهاه ليستوعب القانون الدولي الجنائي القانون الدولي الإنساني.
قرارات
المنظمات ا لدولية أحد مصادر القانون الدولي الجنائي
عند الحديث عن مصادر القانون الجنائي الدولي بالمعنى
القانوني يجب الاستناد إلى المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية
والذي يشكل جزءً لا يتجزأ من ميثاق الأمم المتحدة والتي تحدد المصادر التي يتوجب
على المحكمة الجنائية الدولية أن تسوي انطلاقاً منها أي خلافات حول قاعدة القانون
الدولي ،حيث نصت الفقرة الأولى من المادة (38) على تقسيم مصادر القانون الدولي
العام إلى مصدرين مصادر رئيسية ومصادر احتياطية وقد أضاف
الفقه والقضاء الدولي الحديث مصدرا جديدا من المصادر الرئيسية للقانون الدولي لم
تنص عليه المادة (38) في فقرتها الأولى متمثلا في قرارات المنظمات الدولية,وبالرغم من أهمية المنظمات في
المجتمع الدولي إلا أن جانباً من الفقه لا يعد قراراتها من مصادر القانون الدولي
العام بسبب عدم نص المادة (38) على ذلك, ومن الراجح اليوم أن بعض المنظمات الدولية
والقرارات الصادرة عنها يمكن اعتبارها عاملاً مساعداً في تكوين القواعد القانونية
الدولية من خلال الأشراف على عقد الاتفاقيات الدولية الشارعة والتحضير لإبرامها أو
إسهامها في تكوين العرف الدولي, بل أن البعض ذهب إلى اكثر من ذلك وعدّ
قرارات المنظمات الدولية مستقلاً ومتميزاً من مصادر القانون الدولي. أما في إطار
القانون الدولي الجنائي فان قرارات المنظمات الدولية تعد من المصادر المباشرة لهذا
القانون وتتمتع بأهمية خاصة, فلقد تم إنشاء المحكمة الدولية الجنائية الخاصة
ليوغسلافيا 1993وروندا 1994بقرارين من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة
والمادة (13) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية الدائمة تمنح مجلس الأمن
متصرفا طبقا للفصل السابع من الميثاق السلطة في إحالة أي حالة إلى المحكمة يبدو
فيها أن جريمة دوليه أو اكثر من تلك الداخلة في نطاق اختصاص المحكمة قد ارتكبت,
كما أن الجمعية العامة و فضلاً عن قرارتها الكثيرة التي ساهمت به في تكوين قواعد
القانون الدولي العام بشكل عام وفي مختلف المجالات فان لقرارتها دورا كبيرا في
نطاق القانون الدولي الجنائي وخاصة في تحديد الجرائم الدولية وتعريفها وابرز مثال
هنا قرار الجمعية العامة المرقم 3314 في عام 1974 المتعلق بتعريف العدوان والذي
ساهم دون شك في إنشاء وتفسير بعض القواعد القانونية المنظمة لجريمة العدوان ,ويجب
القول بخصوص قرارات المنظمات الدولية كمصدر للقانون الدولي الجنائي ان دورها يقتصر
على تطوير القواعد الاجرائية لهذا القانون وبصورة خاصة انشاء المحاكم الدولية
الجنائية ، ولا يمكن للقاضي الدولي الجنائي ان يطبق هذه القرارات في النزاع
المعروض عليه فهو ملزم بتطبيق القواعد الواردة في المادتين (38) من النظام الاساسي
لمحكمة العدل الدولية والمادة (21) من النظام الاساسي للمحكمة الدولية الجنائية.